Saturday, October 28, 2006



قنابل موقوتة خلف أسوار المعتقلات


أطفال لم يروا آبائهم منذ ولدوا وزوجات مضي شبابهن في انتظار عودة الزوج وآباء وأمهات يموتون قهرا دون أن يروا أبناءهم ذلكم هم الضحايا الحقيقيين لما تقوم به وزارة الداخلية من عمليات اعتقالات عشوائية لا يتم التحقيق فيها وإنما يكفى أن تتردد على مسجد بعينه أو أن تربي لحيتك لتكون هدف سهل لضباط الداخلية.
والقصة عادة تبدأ بحملة تقوم بها الداخلية على منطقة معينة تجمع فيها الشباب المتردد على المساجد دون أن يوضحوا سبب الاعتقال ثم يوزعونهم على سجون بعيدة عن محافظاتهم ليبدأ كورس التعذيب المنظم والحياة في أسوأ الظروف التى تساعد على انتشار الأمراض سواء العضوية أو النفسية حيث لا يبق أمام المعتقل إلا الإضراب عن الطعام أو الانتحار هروبا من هذه الحياة الظالمة أما السيناريو الأسوأ أن تظل عائلتهم تبحث عنهم من سجن إلى سجن دون أن تعثر لهم على أثر .

تلك هى السيناريوهات التى راوتها أسر المعتقلين خلال الوقفة الاحتجاجية التى نظموها أمام نقابة المحامين أملا في أن يتحرك مسئولين وزارة الداخلية أو النائب العام لرفع الظلم عن أكثر من 15 ألف معتقل بعضهم معتقل منذ ما يقرب من عشرين عاما دون أحكام قضائية.

كوثر حسين من الأمهات التى حضرن الوقفة قالت لنا بمجرد رؤيتنا :"انتم لازم تقفوا معايا ، أنا ابني دخل المعتقل من سنة ونص كان في ثالثة حقوق ومتجوز ومعاه 3 أطفال، ابنى عنده أزمة صدرية ولا بياكل ولا بيشرب لأنه حاسس أنه مظلوم ودلوقتى نقص وزنه 40 كيلو وشكله كأن عنده 100 سنة . أخدوه لأنه بيصلي وبيقول لا إله إلا الله ، وكل فترة يروح الفرع ياخد إفراج ويقعد 15 يوم ويرجع السجن تانى في دمنهور رغم عدم وجود أى أحكام قضائية ضده.

أما زينب عبد الفتاح فأخذت تبكي وهي تحكي لنا عن زوج ابنتها محمد على بيبرس الذي مات أبوه من حسرته عليه بعد أن أمضى ابنه في السجن حوالى سنة ونصف قالت:" جوز بنتى عنده 25 سنة بيشتغل بياع مخلل وأخدوه عشان عنده لحية" وانفعلت قائلة:"هو الدين بقى وحش دلوقتي .. أنا نفسي أعرف ونفسي أسأل حد من المسئولين ليه بيحصل كده مع ولادنا وليه كل شوية بيدونا أمل نعيش عليه وبعدين الأمل يموت عاوزين نعرف حيطلع ولا لأ ، عاوزينه يطلع عشان يربي بنته اللى اتولدت وهو في السجن". وعندما سألناها عن مصدر دخلها قالت :"جوزي شغال على باب الله وبنستلف عشان نروح نزوره في سجن دمنهور وبعنا كل حاجة عشان نعرف نعيش".

ثم التقينا أخت لا تعرف شئ عن أخيها لمدة تقرب العامين :"أخي كان يعمل مدرس أزهري أخذوه ومن ساعتها منعرفش حاجة عنه خالص سألنا كتير ومقدرناش نعرف مكانه ولا تهمته".

والكثير والكثير من القصص المتشابهة لأناس فقدوا الأمل في العثور على آبائهم وأبناءهم وحتى يأسوا من خروجهم من المعتقلات التي تسرق أعمارهم ولاتبقي غير أشباح بشر محطمين يصبحوا قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت
.

No comments: